صيحة الضاد - قصيدة عن اللغة العربية


صيحة الضاد
الشاعر : وائل عبدالله العبابسة

    للضاد صيحة عز وشموخ وفرحة...وهي قديمة جديدة قشيبة باقية إلى ما شاء الله تعالى، أساسها المتين تكريم الله عز وجل لها بأن جعلها لغة القرآن الكريم ، واللسان المحفوظ إلى يوم الدين .
    وللضاد صيحة أخرى ... صيحة حزينة باكية على حال الأمة وما اعتراها من هزائم وانكسارات ، ومن تلك الهزائم هجران أبناء العربية عن أمهم الضاد ، فصار بعضهم يدعو إلى اللهجات العامية كبديل ) عصري ) ، ومنهم من تباهى بإدخال عدد غير محدود من الكلمات الأجنبية شوكة في ضلوع لغتنا الحبيبة ليظهر للآخرين أنه ( مثقف ) ، ومنهم من تجاوز ذلك وتمادى وسخر من الضاد ومن أربابها وأصحابها وكل من يتحدث بها مستخدما وسائل الإعلام المختلفة... وها هي الضاد اليوم تعاتب أبناءها بلسانها الأصيل وصوتها الشجي القوي ، فهل من مجيب؟



لساني كلُّه فخرُ ***** وعمري طولُه دهرُ
وأحرفهُ مناراتٌ *****    تشعُّ بخيرها السِّيَرُ
وفي ألفاظِهِ حَوَرٌ   *****   يتيـه بحبِّهِ الحـبْرُ
رعاني اللهُ من زمنٍ ***** وكان بفضله الأمرُ
فبالقرآنِ كرَّمني *****   وصرتُ كأنّني البدرُ
لأنَّ الله ألبسني   ***** ضياءً ليس ينحصِرُ
أنـا التاجُ الذي يزهو*****أنا النجماتُ والشِّعرُ
أنا المعنى أنا الكَلِمُ ***** أنا الأغصانُ والثَّمَرُ
أنا الإكليلُ أمنحه ***** لمن في ثوبِهِ الخيرُ
وفوق الهامِ أجعله ***** سحابَ المجدِ ينهمرُ
نجومي فوق أكتافي ***** على التاريخِ تزدهِرُ
----------
ولكنْ رغمَ أمجادي ***** دموعُ الخدِّ تنحدِرُ
فأبنائي أضاعوني ***** وحسَّادي لهم شررُ
على المذياعِ باعوني ***** وفي التلفاز قد هجروا
مذيعٌ بات ينعتني   *****  بأنَّ عباءتي فقرُ
ولا تنمو قواميسي ***** وأنّ قواعدي عسرُ
وآخرُ قد كوى قلبي ***** وقال كذا هو العصرُ
وغانيةٌ تمزقني  *****  كأنّ جواهري صِفرُ
وبالحاسوب قد ذكروا ***** بأني عندهم فِترُ
وقد زعموا بأني لســ*****ـتُ أُنجدهم إذا حضروا
وأني في برامجهم   *****  على الطُّرُقاتِ أنتظرُ
وبعضُ الناسِ أدموني ***** ويلوي معصمي بشرُ
لحاها الله أنباءً ***** تصيحُ بقبحها الصّورُ
وأخباراً مؤرِّقةً   *****   ينوء بحملها الصّبرُ
----------
سيبرقُ في العلا وهجي ***** وتخمدُ ناره الخطرُ
فمهما حاولوا قهري ***** فسوف يلوكُهم قَهْرُ
ومهما كمموا صوتي ***** يسافرُ من فمي نَسرُ
وإن هم حاولوا محوي ***** فسوف يقهقه الفجرُ
فليس تنالُ من عزمي ***** شباكُ الضرِّ والغدرُ
ولن يقتاتَ زيدٌ من ***** شراييني ولا عَمرُو
فلا الأعداءُ تهزمني ***** ولا الجهّالُ تنتصِرُ
----------
دُفِعْتُ اليومَ عن زمنٍ *****وغيري الآنَ قد حضروا
ولي في المجدِ صفحاتٌ ***** وليس لمجدهم سطرُ
ومملكتي بأرصدتي   *****   وهم في حضرتي نزرُ
كتابي سرُّ تاريخي    *****    وليس ليومِهم سرُّ
فكيف أضيقُ عن وصفٍ ***** وحرفي في الغنى بحرُ
----------
هو التقصيرُ من قومي ***** فليتَ القوم قد خَبِروا
هو التقصيرُ سائقُهم ***** فما جدّوا وما سهروا
إذا قومي أضاعوني ***** فليس بقومي الخيرُ
وإن هم أحسنوا رفدي ***** وهم لمنابتي النهرُ
وكانوا مخلبي وفمي ***** إذا هبّ العدا هدروا
وكانوا أُسدَ إخلاصٍ ***** إذا جُنَّ الدّجى زأروا
وكنّا مثلَ أغنيةٍ ***** يحنُّ للحنها الوَتَرُ
فسوف أكونُ في سَعدٍ ***** ويمضي في النوى العسرُ
وأبقى كوكباً ألِقا ***** يضوعُ بشجوه العطرُ
وأبقى بحرَ أمجادٍ ***** تفيضُ ببطنهِ الدُّرَرُ
وأبقى الحرّ في زمنٍ ***** يخوضُ غمارَه الحرُّ
أطيرُ بعالمي غيثاً ***** وتحت الشمسِ أنهمرُ
وأهتفُ أنّ لي نسلاً ***** وبالأبناءِ أفتخِرُ
- - - -  -  - - - -


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق